كشفت مصادر عسكرية خاصة، عن اقدام قائد عسكري على فصل 50 جندياً بعد أن احتجز بعضهم وتم تعذيبهم في سجن خاص- بينهم جرحى في الجبهات- في مقر لواء عسكري تابع لقوات الجيش في محافظة الجوف (شمال شرق اليمن)، على الحدود بين اليمن والسعودية.
ويعد هذا اللواء العسكري من ضمن قوات محور الجوف، التي تعرف حالياً بألوية الحدود، وهي ضمن المنطقة العسكرية السادسة بقيادة اللواء هيكل حنتف، والتي تضم محافظات (الجوف، صعدة، عمران) ضمن التوزيع العسكري الرسمي لقوات الجيش الوطني.
وأفادت ثلاثة مصادر عسكرية رفيعة لـ "يمن شباب نت"، أن "قائد اللواء حرب 2 العميد عبد الله الثريا احتجز عشرات الجنود بينهم ضباط وقيادات في اللواء، كانوا يقاتلون في جبهة الخنجر، ومارس بحقهم التعذيب والاخفاء القسري دون توجيه تهم لهم، ودون علم القيادات العسكرية العليا بذلك".
وأضافت أنه قام بعملية "فصل تعسفي" للجنود بعد تعذيبهم بالسجن لمدة تتراوح بين ثلاثة إلى خمسة أشهر، بدون أي تهم واضحة وعدم رفع ملف قضيتهم للقيادة العسكرية، فيما اعتبرته "تصرفا فرديا، يكشف حجم ما يحدث في القوات المسلحة من انتهاكات فردية بعيدا عن الرقابة المحاسبة والمسائلة من الجهات العليا..
وأكدت أن جنودا ممن تعرضوا للتعذيب الشديد ما زالوا يعانون من آثاره حتى الآن، وينتظرون من القيادات العسكرية في الجيش الوطني والتحالف النظر في قضيتهم وتعويضهم عما لحق بهم من انتهاكات، خصوصا وأن بعضهم كانوا جرحى من مواجهات سابقة مع الحوثيين، لكن ذلك لم يشفع لهم..!!
وبحسب المصادر فإن القائد العسكري المذكور يقضي كل أيامه بعيداً عن اللواء ومقر عملة، متنقلا ما بين الوديعة ونجران تاركاً جنوده معظم الوقت، ومن الصعوبة الوصول اليه..
بداية القصة
في نوفمبر/ تشرين ثاني 2021 أقدم قائد اللواء حرب2 العميد عبد الله الثريا، على فصل نحو 50 جنديا (حصل موقع "يمن شباب نت"، على قائمة بأسماء المفصولين، ويتحفظ عن نشرها لأسباب أمنية تتعلق بسلامة الجنود)، وتم احتجاز بعضهم في سجن تابع للواء لمدة تتراوح بين ستة وثلاثة أشهر.
وأفاد مصدر عسكري عن وجود ضباط ذوو مراتب عسكرية عليا ضمن المحتجزين، بينهم نائب العمليات العسكرية في اللواء، وهو برتبة عقيد، وتم سجنة بسبب مطالبته بمستحقات مالية كبيرة احتجزها قائد اللواء ومازال يرفض تسليمها.
وأضاف المصدر لـ "يمن شباب نت"، إنهما ذهبا إلى مقر القوات المشتركة بنجران لحل المشكلة بينهما، لكن قائد اللواء "الثريا"، رفع تقريرا عن زميله متضمنا عدة تهم كيدية، وعلى إثرها تم احتجازه ستة أشهر أخرى، قبل أن يتم الافراج عنه مطلع الشهر الجاري بعد تبرئته من تلك التهم.
وأفاد المصدر أن الأفراد الذين تم فصلهم، تهمتهم الحقيقة أنهم يتبعون نائب رئيس العمليات في اللواء الذي يحاول قائد اللواء التخلص منه، والذي كان قائداً لجبهة الخنجر بالجوف وتم قطع الإمدادات عنه والنفقات اليومية للجبهة خلال أشهر.
شهادات حية للتعذيب
وخلال الأشهر الستة، ما بين نهاية 2021 ومطلع العام الجاري، تم احتجاز عدد من الضباط وعشرات الجنود في اللواء حرب 2 بمحافظة الجوف وإخضاعهم للتعذيب قبل الافراج عنهم وفصلهم من الخدمة. وقالت المصادر لـ "يمن شباب نت"، إن أولئك الجنود "مازالوا يعانون من التعذيب ومشردين بين الوديعة ومحافظة مأرب".
وحصل موقع "يمن شباب نت"، بشكل حصري على صور لآثار التعذيب في أجساد بعض الجنود، وبدت على شكل حروق وآثار ضرب شديد، في الظهر والأذرع وبقع أشبه بحروق، رغم مرور أشهر على خروجهم من السجن.
خلال الأسابيع الماضية بحث موقع "يمن شباب نت" عن بعض أولئك الجنود الذين تعرضوا للتعذيب لمقابلتهم والتأكد من التفاصيل التي كشفت عنها المصادر والوثائق التي وصلتنا نسخ منها بشكل حصري، بخصوص فصلهم من الخدمة العسكرية بشكل تعسفي.
ومع أن التواصل معهم كان شبه مستحيل لرفضهم التحدث مع وسائل الإعلام بشأن قضيتهم، إلا أننا تمكنا في الأخير من الحصول على شهادات من بعض الجنود، تحت شرط السرية، مع بعض الصور لآثار التعذيب، التي يتحفظ الموقع عن نشرها.
أحمد (اسم مستعار) - جندي في الكتيبة الأولى باللواء حرب2- قال إنه أصيب في جبهة الخنجر بمحافظة الجوف، وتم نقله للعلاج في نجران السعودية، وبعد عودته إلى مقر اللواء تم اعتقاله لمدة ستة أشهر في اللواء بأمر من قائد اللواء.
وأضاف لـ "يمن شباب نت": "تعرضنا للتعذيب حتى احترقت أجسامنا بالأسلاك والسكاكين، وكانوا يطالبون منا أن نعترف على تهم لم نعملها مطلقاً، حتى الأكل كانوا يمنعونه عنا لأيام أحيانا ويكتفون بخبز فقط (كُدم) مرتين في اليوم في الصباح والمساء".
وأضاف احمد، الذي ينحدر من محافظة تعز: "بعد خروجنا من السجن تم طردنا إلى مأرب على متن سيارات هايلوكس تتبع اللواء، وأبلغونا أننا بلا أسماء عسكرية ولن يسلم لنا أي رواتب أو مصاريف يومية، وإلى الآن ونحن مفصولون، رغم أني جرحت في الجبهة".
الجندي "صالح" (اسم مستعار أيضاً)؛ تم سجنة نحو ثلاثة أشهر في اللواء وتعرض للتعذيب الجسدي وما زالت علامات الأسلاك الكهربائية موجودة على ظهره رغم مرور أشهر على خروجه من السجن، ويقول إنه لم يعرف إلى الآن ماهي التهمة التي سجن بسببها..!!
وأضاف في حديث خاص لـ "يمن شباب نت": "تم طردنا من اللواء في مطلع إبريل الماضي بعد خروجنا من السجن، وتم نقلنا إلى العبر (منطقة حدودية بين اليمن والسعودية)، وإلى الآن مازلنا نطالب بعودتنا وتسليم رواتبنا وإعادة اسمائنا التي تم إسقاطها ظلماً".
وكشف الجنديان، ضمن حديثهما لـ "يمن شباب نت"، بأن سجنهما جاء على أساس أنهما يتبعان قائد الكتيبة الأولى في اللواء، والذي تعرض هو الآخر للسجن قبل أن يتم الإفراج عنه من قبل قيادة نجران بعد تبرئته من التُهم التي وجهت إليه خلال الأسابيع الماضية.
دور قيادة الجيش
وعند سؤالنا لعسكريين في هيئة الأركان عن دورهم فيما يحدث من انتهاكات وعملية فصل لجنود في الألوية على الحدود اليمنية السعودية، قال مصدر عسكري رفيع (طلب عدم ذكر اسمه) إن ألوية الحدود "لا تتبع هيئة الأركان، بل هي تابعة للعمليات المشتركة في نجران بالسعودية"، مضيفا: "وما زلنا نحاول ترتيب وضعها بالتعاون مع الأخوة في التحالف العربي".
وأشار إلى أنه وخلال الأيام الماضية، عقب تعيين قائد جديد لمحور الجوف، تم تشكيل لجنة من القوات المشتركة في نجران، مهمتها حل الخلافات وترتيب عمل الألوية والقيادات فيها.
ومن خلال هذه الانتهاكات تتكشف بعض أسباب التراجع في السيطرة العسكرية على الأرض في تلك الجبهات خلال السنوات الماضية لصالح ميلشيات الحوثي المدعومة من إيران، حيث توقف القتال وسيطر الحوثيون على محافظة الجوف، وتوقفت كافة العمليات العسكرية في صعدة أيضاً في الوقت الذي تراجعت فيه القوات هناك.
ويطالب قادة عسكريون وجنود بسرعة حل تلك المشاكل حتى تستعيد القوات العسكرية تماسكها وتنظيمها وتعمل على استعادة المناطق الخارجة عن سيطرتها وباتت مؤخرا بيد ميليشيات الحوثي..